الفصاحة والبلاغة
الفصاحة هي الظهور والبيان في الكلمات والتراكيب.(يقال كلام فصيح أي أفصح عن المعنى وأوضحه.)
- تكون الكلمة فصيحة إذا خلت من:
° تقارب الحروف،نحو" غدائره مستشزرات إلى العلى".لتقارب السين والشين والزاي.
°الغرابة والكراهة في السمع، نحو "البجارى" أي الدواهي، وبعاق ،أي "سحاب ماطر.
°مخالفة للقواعد الصرفية ، نحو : "استبدد والصواب أستبدّ "
- يكون التركيب فصيحا إذا خلا من :
° تنافر الألفاظ،نحو: "وقرب قبر حرب قبر"
° ضعف التأليف،نحو: "جزى ربه عنّي عديّ بن حاتم"
°كثرة الإضافات والتكرار نحو:
ومن جاهل بي وهو يجهل جهله ××× ويجهل علمي أنّه بي جاهل
° التعقيد اللفظي والمعنوي، نحو: "جفخت وهم لا يجفخون بها بهم" (جفخت بمعنى فخرت) حيث استعملت لفظة "جفخت في غير الموضع اللائق بها.
فإن كانت الفصاحة تكون في المفرد (الكلمة) والتركيب فإنّ البلاغة تكون في التركيب لذلك قيل "كلّ بليغ فصيح، وليس كلّ فصيح بليغا". وإذا كانت الغاية من الكلام إفهام السامعين فلا بدّ من معرفة الأساليب المتبعة في شأن هذا الغرض لتكون فعالة في النفوس. من هذه الأساليب:
- الأسلوب العلمي: يقوم على المنطق السليم،والفكر المستقيم،والبعد عن الخيال والعاطفة، ويتميّز بالسهولة والوضوح والدقة في استعمال المصطلحات العلمية، والأرقام الحسابية، وذلك بألفاظ مساوية للمعنى، لا تكرار فيها ولا ترادف.
يحسن فيه الإبتعاد عن المحسنات اللفظية والمعنوية إلاّ ما يأتي عفو الخاطر.
- الأسلوب الأدبي: يقوم على الخيال والعاطفة:وتلمّس وجوه الشبه البعيدة بين الأشياء، وإلباس المعنوي ثوب المحسوس، وإظهار المحسوس في صورة المعنوي، فيتخذ الأديب الألفاظ قالبا لصياغة صور تصطبغ مشاهدتنا بالألوان، وتنسكب بالأشكال، أو تموج بالحركة.
يحسن فيه استعمال المحسنات اللفظية والمعنوية البعيدة عن الصناعة والتكلف.
- الأسلوب الخطابي: ويقوم على قوّة المعاني والألفاظ،والحجة والبرهان، والعقل الخصيب، وذلك لاستنهاض الهمم بالتأثير على نفوس السامعين. وهنا يبرز دور منزلة الخطيب في سامعيه، وسطوع حجّته، وتنوع نبرته، وتدرج مواقفه، وحسن القائه،وضربه على الوتر الحساس فيهم.
من مميزات هذا الأسلوب التكرار، واختيار الألفاظ ذات الوقع الحساس، واستعمال الأمثال والحكم، والتعابير المتنوعة بين الإخبار، والإستنكار، والتعجب والاستفهام ... وأن تكون مواطن الوقف كافية شافية.
من فروع علوم البلاغة والتي تتكون من علم البيان وعلم المعاني وعلم البديع . والتشبيه بالذات فرع من علم البيان والذي يضمّ إلى جانب التشبيه كلّ من الفصاحة والبلاغة ،الحقيقة والمجاز ،الاستعارة والكناية.وقد رأيت أن نفتح في صحيفتنا مساحة صغيرة للتعريف بعلوم البلاغة حتّي تعمّ الفائدة على الجميع ...
سأستهلّ مداخلتي هذه بالتعريف بالبلاغة :
فالبلاغة ، بقواعدها النظرية والتطبيقية، العمود الفقري للكتابة العربية والأساليب الإنشائية، والسبيل الصحيح لتقويم الذوق الفني، تمهيدا لتذوق النصوص الأدبية، الشعرية منها والنثرية. وعندما يتمكن الواحد منّا من هذه القواعد، يستطيع، بالتالي ، أن يميّّز الخبيث من الطيب - في الكلام - ويدرك الفارق بين الطبع والتكلّف، بين العفوية والتصنّع، كما يستطيع أن يذهب في قراءته إلى أبعد من الحرف والنص ليرى ، بعين البصيرة ، رموز الصور وخلفياتها، والأبعاد المعنوية التي يصبو إليها الكاتب في استعمال هذه الصورة أو تلك.
ناهيك عن دور البلاغة في تربية الخيال وتنميته، وتعويده على الخلق والابتكار والإبداع لمزيد من التعبير عن مكامن النفس، والقدرة على اكتناه جواهر الأشياء.
هكذا أصدقائي يمكن أن نهذّب أفكارنا ونصقل موهبتنا والأهمّ من كلّ شيء هو الرفع من مستوى كتاباتنا صونا للغتنا الأم لغة القرآن الكريم ،لغة خير أمّة أخرجت للناس ونسمو بها إلى أعلى درجات سلّم المجد ... لغة الشعراء والبلغاء والفقهاء ... لغة الأئمة والخطباء والرواة ... لغة أحبّها المستشرقون ... يقول الشاعر:
لغتي تيهي بآيات الخــــــــلود *** أنت في جيد العلا عقد ثمين
أنت أغلى ما ورثنا عن جدود *** خلدوا مجدا لنا في العالمين
***
لغة الضاد ارفعيها رايـــــة ***في سماء الكون تسدي هممــا
حلقي عبر الفضاء معـــتزّة ***ببني العرب وجوبي الأنجمـــا
***
لغتي جوبي رحاب الأزل *** وارفعي في الكون رايات العلا
رددي للعرب لحن الأمــل *** وأعيدي للورى ذكر الألـــــى
***
لغة الشعر وما الشعر سوى*** نسمة هبّت بأحلام الــــــورود
ارفعي في الكون للعرب اللواء*** وانعمي بالخلد في هذا الوجود.