بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعيب زماننا والعيب فينا
"مرّ الوقت سريعا" عبارة صرنا نرددها كل يوم وكل أسبوع وكل شهر وبأنغام مختلفة يغلب عليها الاستغراب والاستهجان. تذكر ذلك لأحدهم فيقول لك : "يا أخي هذا الوقت مثل لبن هذه الأيام منزوع البركة" تصدّقهُ وتستغفر ربك العلي القدير وتدعوه أن يبارك لك في وقتك. وبالرغم من دعائك المستمر إلا انك لا تزال تشعر بالهزيمة أمام سرعة مرور الوقت .
يمر الأسبوع مرور السهام, وتمر السنون مرور السحاب, وتجد نفسك تسابق الريح إلى حتفك البيولوجي. فجردةٌ سريعةٌ ليومك تجد أنك تفعل فيه ما تفعله طيلة أيام الأسبوع السبعة مع ملاحظة أن عينيك وذهنك معلقون بأرقم الساعة, تسرعُ بسببها أحيانا و أحيانا تستغل المدة التي يحتاجها الرقم القادم إلى البروز في انجاز شيء أخر كان عالقا.
في كل يوم تجدُ أنك استيقظت في السادسة, وصلت إلى عملك في السابعة, أنجزت ثلاثين أو أربعين معاملة, أو قمت بمعاينة خمسين مريضا, أو قمت بتدريس خمس حصص, تلقيت عشر مكالمات هاتفية بشان العمل, تحدثت مع عشرين شخصا, استرقت النظر إلى مواقعك الاليكترونية المفضلة, عدت إلى البيت في الرابعة, تناولت غداءك السريع و قبّلت الأولاد وكثيرا لا تفعل, سجلت طلباتهم على ورقة, أسرعت إلى عملك الإضافي الخاص الذي تنهيه في التاسعة مساءا, تمر على السوق لتشتري ما في القائمة منة حاجيات, تعود إلى البيت, تخبرك زوجتك بأن بيت أبو فلان قد اشتهوا أن يشربوا فنجن قهوة معك , تكظم غيظك, تبدل ملابسك, ويصل محبُّوك لتتجاذبوا أطراف حديث ليس له أطراف, تبدأ عينيك بالالتحام , ينصرف الضيوف مع الفوز بوعد لزيارتهم في القريب العاجل, تتصل أمك, تخبرك ما تجود به لكنها تفرحك إذ تقول لك تصبح على خير و تتزمل بلحافك وقد علمت ما معنى أن تصل القلوب إلى الحناجر وتنام في الواحدة.
تفعل هذا سبعة أيام في الأسبوع, و أربعة أسابيع في الشهر ,وسنة تلو السنة ومن ثم تأتي لتقول إن هذا الوقت غير مبارك فيه. كيف ذلك بالله عليكم؟ إن متطلبات مواكبة الحياة الحالية تقترب أو تبتعد قليلا عن مثالي الذي أسلفت, فانك حتى تكون مثل الناس يجب آن تحذو حذوهم, فما ذكرته من روتين قد تعود عليه اليابانيون والأوربيون منذ عقود طويلة وهذا احد أسباب نجاحهم وسبقهم لنا.
أما الشعور ببركة الوقت فأقدمه لك وبدون مقابل, فحتى تشعر بنعمته ما عليك إلا آن تخلع ساعتك وترمي بهاتفك الجوال وبحاسوبك بعيدا وتأخذ رحالك إلى مضارب بني مرة العلقمي وتضرب خيمتك هناك, حيث لا طيرٌ يطير ولا وحشٌ يسير وحيث لا سيارة ولا دراجة نارية أو عادية وحينها تبدأ بربط أوقاتك بأذان الحاج محمود. وهناك اعمل في رعاية النخيل أو زراعة الأرض بمساعدة الثور الهزيل والسكّة المثلّمة. هذه وصفة تجعلك تستمتع بالهواء النقي والطعام الصحي والنوم الهني وربما تقرا كتابا كل يوم وربما تختم القران الكريم كل شهر وتظن انك فعلت شيئا وتشعر بأن يومك كألف يوم مما يعدون. وهنا سأقول لك ما لا اضمنه وهو آن تخرج إلى خلية الناس الصاخبة بعد سنة واحدة فقط وتجد نفسك كأنك لم تغب وتستوقف لاهثا مثلك أيام زمان وأيام قلة بركة الوقت لتخبره بأنك جربت بركة الوقت فانه لن يجيبك بقوله بارك الله لك فيه ويدير محرك سيارته ويغادر ليتركك تحت ظل الشمس.
مارئيكم .........مع تحيات الأستاذ عمار